أخبارنا

التجسس لصالح إسرائيل..شائعة أجبرت ليلي مراد علي الإعتزال

13يونيو 2011
علاء الدين ظاهر :
في عام 1952 اتهمت المطربة الشهيرة"ليلى مراد" بالتجسس لصالح الموساد واستغلال علاقتها بالملك لإمداد المخابرات الاسرائيلية بالمعلومات، وذلك بعد نشر خبر تسرّب الى الصحافة مفاده أنها زارت اسرائيل وجمعت تبرعات تقدر بـ( 50 ألف جنيه) لتمويل الجيش الصهيوني، وشجع على انتشار الخبر أنها يهودية الأصل,و عقب سماعها الخبر أغمي عليها وقالت:الله يجازيك يا أنورـ تقصد أنور وجدي ـ وعقدت مؤتمرا صحفيا نفت فيه جمع تبرعات لإسرائيل
أحدث الخبر ردود فعل غاضبة منعت على إثرها أغاني ليلى مراد وأفلامها في سوريا،ونتيجة الحملة الشعواء ضدها تركت ليلى مراد الأضواء عام 1955،وأكدت وسائل الاعلام حينها أن دوائر الأمن السوري وراء تلك الشائعة لمنع أفلامها في سوريا,وقد وصل تأثير الشائعات لدرجة أن السلطات المصرية عزمت على اعتقالها ومصادرة أموالها•• وبعد تحريات قام بها مجلس قيادة الثورة تأكدت براءتها وتوسط "جمال عبد الناصر"لدى سوريا عام 1958 لرفع الحظر عن أغانيها وأفلامها •

*تفاصيل*

في شهر سبتمبر عام 1952 عندما نشرت مجلة «الكفاح العربي» السورية «أن المطربة المصرية يهودية الأصل ليلى مراد تبرعت لاسرائيل بمبلغ 50 ألف جنيه، أثناء وجودها في باريس».. فسارعت بعض الدول العربية الى مقاطعة ليلى مراد سينمائيا وغنائيا وفي مقدمتها سورية. حيث نشرت جريدة «الأهرام» في خبر من مراسلها في دمشق في الثاني عشر من سبتمبر 1952 «أن الحكومة السورية قررت منع أغاني ليلى مراد وأفلامها من سورية، لأنها تبرعت بمبلغ 50 ألف جنيه، وهو مبلغ ضخم جدا في ذلك الحين يساوي ملايين بلغة اليوم، وقد أثار الخبر حينها زوبعة واسعة، مما استدعى التحقيق السياسي معها على أعلى مستوى بعد مطالبة جامعة الدول العربية بالتدخل لوقف هذه المأساة.
وبمجرد أن غادرت ليلى مراد المستشفى، سافرت الى باريس وعقدت مؤتمرا صحافيا عالميا أعلنت فيه أنها لم تذهب الى اسرائيل، ولم تتبرع لجيش الاحتلال بأي مال، وأكدت أنها ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الدعاية السيئة أن تنال منها، وأن شائعة أخرى طاردتها أنها راحت ضحية سيارة في ايطاليا رغم أنها لم تزر ايطاليا من قبل.
ورغم الحملة الاعلامية والدعائية التي قادتها ليلى مراد والوفد المصاحب لها للحصول على صك البراءة من تلك التهمة المشينة التي تمس وطنية ليلى، وتتهمها بخيانة وطنها مصر وأمتها العربية، الا أنها فشلت في اقناع الرأي العام العربي وخاصة بعد صدور بيان رسمي من مدير الاذاعة السورية في القاهرة أحمد على عقب حضوره دورة لجامعة الدول العربية والذي قال في مؤتمر صحافي: «ان دوائر الأمن السوري لديها دلائل مادية دامغة ووثائق تؤكد هذه الشائعة، وأن تدابير وقائية اتخذتها السلطات السورية لمنع أفلام ليلى مراد في سورية وكل الدول العربية».وطلبت الاذاعة السورية من ليلى مراد أن تقدم المستندات التي تثبت صحة ما قالته في بياناتها من تكذيب للخبر.وقد تصاعدت حدة الشائعات في القاهرة عن عزم سلطات الأمن المصرية «المباحث العامة بوزارة الداخلية ادارة المخابرات» القبض على ليلى مراد لاستجوابها عقب عودتها للقاهرة في 22 أكتوبر 1952.
*مستندات تؤكد براءتها من هذه التهم المشينة التي تهدم سمعتها الوطنية *
1- شهادة بحسابات ليلى مراد لدى البنك العثماني وكان قدره 36149 جنيها وفي البنك العربي وكان قدره 30710 جنيها، وشهادات من البنوك الأخرى أن ليلى مراد ليس لها فيها حسابات اطلاقا.
2- شهادة من القنصلية المصرية العامة في باريس. ومعها وثيقة من الأمن العام الفرنسي تثبت فيها أنها لم تغادر فرنسا فقد وصلتها قادمة من مصر.
3- شهادة من أنور وجدي يثبت فيها ان طلاقه من ليلى هانم مراد لم يكن بسبب خلاف ديني لأن السيدة ليلى مسلمة وموحدة بالله سبحانه وتعالى منذ حوالي سبع سنوات وان الطلاق لم يكن بسبب خلاف سياسي أو ميول وطنية لأن السيدة ليلى مراد لم يكن لها في يوم من الأيام لون سياسي أو ميول وطنية من أي نوع وانما هي عربية مسلمة صميمة يحبها العرب جميعا وهي تبادلهم الحب.
4 مقال نشر في صحيفة «الاهرام» في العدد الصادر في 12 سبتمبر 1952 تحت عنوان «ليلى مراد تكذب دعم اسرائيل بـ50 ألف جنيه».
وبدوره قام الفنان سراج منير بصفته نقيب الفنانين في ذلك الوقت بكتابة خطاب الى ادارة الشؤون العامة للقوات المسلحة طلب فيه من مجلس الثورة أن يفيدهم عن ثبوت أو انتفاء ما أشيع عن ليلى مراد، فكلف مجلس الثورة ادارة الشؤون العامة بالقوات المسلحة «الشؤون المعنوية حاليا» بالتحري عن الموضوع عبر الجهات المختصة، وقد قام الكاتب الكبير مصطفى أمين بالذهاب مع ليلى مراد الى مكتب وجيه أباظة لعرض تقديم المستندات التي تثبت براءتها. وقد نشأت علاقة عاطفية لأول وهلة بين الطيار وقيثارة الغناء، لاحظه مصطفى أمين وكتب عنه وعن قصة الحب التي نشأت بينهما عقب تلك المواقف العصيبة التي مرت بها ليلى.
قائد الجناح «طيار» وجيه أباظة مدير ادارة الشؤون العامة في الجيش في ذلك الوقت الذي رد على الخطاب قائلا: «انه بعد تحريات جهات الاختصاص في هذا الموضوع تبين لنا أن السيدة ليلى مراد لم تسافر الى اسرائيل ولا صحة لما نشر عن تبرعها للحكومة الاسرائيلية بأي مبلغ من المال».
وفي نوفمبر 1952 تعود ليلى مراد وتقول لمجلة الفن عن هذا الشائعة: «انني مظلومة وبريئة من جميع ما نسب الي.. انني مصرية عربية مسلمة ومتزوجة من مصري مسلم وأحب العرب والاسلام وان الله لن يظلم مخلوقا بريئا.. ان براءتي ستظهر للجميع وسيزداد حب الناس لي في جميع البلاد العربية.. وعلى الرغم من شعوري بأن ليس لي أعداء الا أنه يوجد من يغيرون من شهرتي فنكاية بي أشاعوا عني هذه الأكاذيب التي ليس لها ذرة من الصحة والحقيقة والتي ليس لها أي دليل لأنني قد وهبت نفسي وحياتي للفن والعرب والاسلام وهذه حقيقة يعلمها الجميع بل ويعلمها الذين أشاعوا هذه الفرية الكاذبة.. لقد ظلموني وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون».
وذكرت ليلى مراد أنها عرض عليها ملايين الدولارات من بعض الأثرياء اليهود المصريين بعد عام 1948 للهجرة لاسرائيل وتشجيع اليهود المصريين والعرب على ذلك لأنها نجمة مشهورة ولها شعبيتها ولكنها رفضت بشدة وأكدت لهم اعتزازها بعروبتها ومصريتها واسلامها.
وعندما قامت ثورة يوليو وقفت ليلى مراد تدعمها ليس بالغناء فقط، بل كانت تجمع التبرعات للثورة من خلال ماعرف بـ«قطار الرحمة» الذي كان يجوب الأقاليم المصرية وضم ماري منيب واسماعيل ياسين وغيرهما، وقد غنت ليلى مراد أغنية الجيش المصري «بالاتحاد والنظام والعمل» وكان مطلعها «على الاله القوي الاعتماد.. بالنظام والعمل والاتحاد.. فانهضي يامصر ياخير البلاد.. بالاتحاد والنظام والعمل»، وهو الشعار الذي رفعه الرئيس الراحل محمد نجيب أول رئيس لمصر.. وقد تم تكريم ليلى مراد من مجلس قيادة الثورة بعد أغنية «باسم الله» ولم تدع ليلى مراد حفلة أو مناسبة وطنية في مختلف ربوع مصر الا وغنت فيها أغاني وطنية هزت أسماع الجماهير العربية
وقد انتهت القضية في مصر وتأكد كذب تلك الادعاءات ضد فنانة وطنية مخلصة لبلادها وقام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتكريمها، لكن الحكومة السورية أصرت على فرض حظر شامل على أغانيها وأفلامها، وظل هذا الموقف السوري قائما حتى تدخل عبد الناصر شخصيا لازالته أثناء مفاوضته معها للاتفاق على الوحدة المصرية السورية عام 1958، واستجاب السوريون لمطلب عبد الناصر بالغاء تلك المقاطعة.
لم تكن ليلى مراد الوحيدة التي طالتها تلك الشائعات القاتلة، فقد طالت الشائعات بدعم اسرائيل عددا من الفنانين المصريين فقيل عن الفنانة راقية ابراهيم اليهودية الأصل أو «راشيل ابراهيم» أنها كانت على علاقة بالموساد، وهذه الفنانة بدأت حياتها الفنية مع محمد عبد الوهاب والمخرج محمد كريم في فيلم «رصاصة في القلب» مع بداية الأربعينيات وأعلنت اسلامها وتزوجت المهندس المصري المسلم مصطفى والي ثم انفصلت عنه وهاجرت الى أميركا بدون أسباب واضحة ثم عادت وتزوجت هناك من يهودي، وعملت في سكرتارية الأمم المتحدة الى أن تقاعدت وافتتحت محلا للحلوى الشرقية، وزاد من رواج تلك الشائعة أن راقية ابراهيم من أسرة أبا ايبان وزير الخارجية الاسرائيلي الأسبق. ولكن التهمة لم تثبت عليها وتأكد أنها شائعات اسرائيلية للحط من قيمتها كفنانة مصرية واثبات ولائها لاسرائيل، كما طالت تلك الشائعات الفنان الكبير محمود المليجي الذي أشاعت عنه اسرائيل عبر وسائل اعلامها أنه كان يتجسس لصالحها في عهد جمال عبدالناصر فترة الخمسينيات. وهدف تلك الشائعات كسر نفسية المواطن العربي والتشكيك في رموزه السياسية والفنية والثقافية.
AHMED

ليست هناك تعليقات