أخبارنا

بالصور .. اللوحات الفنية المسروقة في مصر.. وعجائب فاروق حسنى

12 مايو 2011 ..
من أعاجيب وزير الثقافة الأسبق "فاروق حسني"، موضوع اللوحات "التائهة"، لا نقصد "زهرة الخشخاش" التي لا أحد يعرف إن كانت سرقت أو تم أهداؤها كما يقال، وإنما ما نتناوله في هذا التحقيق عدد من اللوحات لكبار الفنانين المصريين، إما مسروقة ولا أحد يعرف مكانها، أو موجودة بالخارج ولم يتحرك أحد لاستعادتها، وإما موجود منها أكثر من نسخة تحمل كلها ختمًا يؤكد أنها الأصلية، في موقف لا يفهمه أو يقبله عقل.

وطبقا لتحقيق نشرته جريدة "روزاليوسف" فان من أشهر اللوحات المسروقة لوحة «الراهبة
» لرائد فن البورترية أحمد صبري، ولوحتيا الفنان حامدا ندا، اللتان تم سرقتهما ثم عادتا وتم تبرئه كل المتهمين، ولوحة "ذات العيون الخضراء" لمحمود سعيد، الذي أوقف القطاع بيعها في دبي، وقيل أن هناك نسختين منها، الأولي في دبي، والثانية في السفارة المصرية بواشنطن، تلك المدينة التي ورد اسمها كثيرا في ملف اللوحات "التائهة"، "روزاليوسف" حصلت علي المستندات الرسمية التي تؤكد مدي التضارب والمغالطات حول كنزنا الفني، نتحدث عن هذه الأعمال الثلاثة بالتفصيل في هذا التحقيق. القضية الثانية التي يضمها تحقيقنا خاص بلوحة "الراهبة" لرائد فن البوترية في مصر الفنان أحمد صبري (1889 -1955)، التي حصلت علي ميدالية الشرف من صالون باريس الدولي عام 1929، وتحمل لقب "أشهر اللوحات المختفية"، ووصل ثمنها حسب تقدير مقتني الأعمال الفنية إلي 75 مليون دولار، وقد خرجت "الراهبة" من مصر منذ تم إعارتها للسفارة مصر في واشنط
ن عام 1960 ولم تعد حتي الآن، وللوحة حكاية ملغزة، تقترب من الميتافيزقا، فهي تختفي وتظهر بالصدفة في دول كثيرة ثم تعاود اختفائها.

ورغم مرور سنوات طويلة علي الاختفاء، فإن نزار أحمد صبري (67 عاما) الابن الأصغر للفنان أحمد صبري، يصر علي البحث عنها، وقال لنا ما لم يحكيه من قبل طوال حياته عن "الراهبة": في البداية اللوحة اسمها الحقيقي كما أطلق عليها والدي "تاملات"، ومع مرور الوقت أطلق عليها النقاد في مصر "الراهبة"، ومرت اللوحة بمراحل عديدة، ففي عام 1927 رسم راهبة تقف أمام مجمع الكنائس في باريس أثناء بعثة، وهذه اللوحة أيضا موجودة لدينا بمتحف الفن الحديث، لكنها لم تعجبه ولم يشارك بها في صالون "باريس"، فبحث عن "راهب" ورسم مجموعة استكتشات كثيرة ملونة، ولكن هذا "الراهب" لم يستمر معه لاستكماله اللوحة، فعاد يبحث عن "راهبة" حقيقة وليس موديل، لانه يؤمن بالروحانيات والشفافية الإنسانية التي تظهر في ملامح الشخصيات، ويريد أن يعبر عن معاني عمقية وليس مجرد شكل فني، وليلة عرض لوحة "الراهبة" في صالون باريس دخل اثنين من النقاد يشاهدونها، فسمعهم يقولون: "لو غير الفنان خلفية اللوحة ستفوز بالجائزة"، علي الفور قام والدي بإجراء التعديلات عليها وبالفعل فاز بالجائزة.

وواصل: عرض عليه وقتها أكثر من مشتري في باريس بيع اللوحة، لكنه رفض قائلا: لوحاتي من حق مص
ر، وانتهت البعثة 1929 عاد الي مصر، فعرض علية متحف الفن الحديث اقتنائها اقتنائها بـ75 حنيها مصري فقط لاغير، وهو ما أثار استياء أعضاء بمجلس الشيوخ، وقدموا استجوابا اعترضوا فيه بشدة علي الثمن، مؤكدين أن المبلغ كبير جدا لا يصح أن يدفع في لوحة فنية، رغم أن هذا المبلغ اقل بكثير مما عرض علية في باريس، وبعد وفاته في 8 مارس 1955 اقتنت الدولة أعماله، وتم عمل قاعة خاصة له باسمه في المتحف القديم في شارع قصر النيل، وعندما هدم المتحف تم تخرين الأعمال في فيلا في شارع "فيني"، وعندما افتتح المتحف المصري وضعت أعمال أحمد صبري فيه، وأكمل نزار صبري: منذ خرجت اللوحة عام 1960 اختفت بعدها، وبطريق الصدفة علمت من الفنان صبري راغب، وكان في زيارة لأمريكا أنها لدي الدكتور عصمت عبد المجيد بمكتبه في مقر الأمم المتحدة بنويورك، وأن عصمت عبد المجيد رفض إعادتها لمصر، وقال لن أعيد اللوحة إلا عند انتهاء فترة وجودي في أمريكا، من شدة إعجابه بها، ثم علمت بعد ذلك أنها انتقلت إلي سفارتنا في واشنطن في عهد السفير عبد الرءوف الريدي، وبعدها اختفت، وأصبح الصمت والغموض يحيط بها، وكلما تساءلت عنها لا أجد إجابة، وقد طلبت من الدكتور أحمد نوار في فترة وجوده بقطاع الفنون التشكيلية معرفة موقف اللوحة، فأبلغني أن اللوحة معارة وتجدد سنوياً، وكثيرا ما تقدمت لوزير الثقافة السابق فاروق حسني بطلبات كي يبحث عن اللوحة، وللأسف لم أصل لشيء.
- «ذات العيـون الخضـراء».. سرقت مرتين

بدأت قصة "ذات العيون الخضراء" للفنان محمود سعيد، عندما أعلنت قاعة "كريستي" بدبي عن عرض اللوحة للبيع في مزاد علني عام بتاريخ 2007/12/21 بمبلغ يترواح بين 50 ألف دولار الي 70 ألفا، وأعلن وفجر وقتها الأديب جمال الغيطاني مفاجأة حول ملكية اللوحة، عندما قال في مقاله بـ"أخبار الأدب بتاريخ" 2007/12/6 أنه توجه الي مقر إقامة السفير ماجد عبدالفتاح، مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة، وبمجرد دخوله مقر بالسفارة وجد اللوحة تتصدر بهو الاستقبال، وعندما اقترب منها ووجد عليها ثلاثة أختام عتيقة لمتحف الفن الحديث، برقم ،449 والخطوات المدونة التي تسجل حركة اللوحة، تؤكد بما لا يدع مجالا لأي شك أنها اللوحة الأصلية، وقد اقتنتها وزارة الخارجية.

كما تكشف المستندات التي حصلنا علي نسخه منها من "قطاع الفنون التشكيلية"، أن لوحة محمود سعيد مدرجة في سجلات متحف "الفن المصري الحديث"، وتم إعارتها إلي سفارتنا في واشنطن عام 1950، بناء علي إجراءات رسمية وموثقة من القطاع، ومكتوب خلف اللوحة رقم 449، وأنها واحدة من أربعة لوحات آخري تم إعارتها، وبمخاطبة سفارة مصر في واشنطن لبيان موقف اللوحة المعارة وبتاريخ 2007/10/17 ورد إلي قطاع الفنون التشكيلية فاكس من السفيرة وفاء بسيم مساعد وزير الخارجية يفيد: "أن لوحة محمود سعيد "ذات العيون الخضراء" موجوده لدي مقر الوفد المصري لدي الأمم المتحدة في نيويورك".

إذن نحن أمام لوحتين، الأولي في دبي والثانية في أمريكا، وقد توجهت لجنة من القطاع تضم محسن شعلان رئيس القطاع السابق، والنحات أدم حنين، ومحمد السيد المستشار القانوني للقطاع إلي دبي لفحص اللوحة بتاريخ 2008/7/21 وتبين أنها أصلية أيضا، وملكا القطاع، ولم تعد حتي الآن.

إلي هنا انتهت القصة، التي يتحدث عنها الفنان عصمت دواستاشي موثق اعمال الفنان محمود سعيد قائلا: كيف تسافر لحنة إلي دبي ليس بين أعضائها مصور أو رسام؟ فمن يستطيع التأكد من أصالتها لابد أن يملك أسسا لتقيمها، وقد أرسلت مخاطبة رسمية للقطاع بتاريخ 2007/11/25 أوضح فيها، كيف أن اللوحة الموجودة في دبي موثقة بتاريخ 1932، واللوحة الأخري الموجودة في نيويورك بتاريخ 1931، فمحمود سعيد لم يرسم اللوحة مرتين، ولم يرسم أي فنان آخر أي لوحة مرتين، ومن خلال بحثي عثرت علي لوحة "ذات العيون الخضراء" أبيض وأسود بداخل كتاب رائد النقد الفني أحمد راسم (الظلال)، ولكن لم يدون أي تاريخ للوحة، ولم أعثر علي أي صورة لهذا العمل ملونة في أي مرجع آخر، والنسخة الملونة أظهرتها قاعة "كريستي" وانتشرت في المجلات التي اهتمت بالموضوع.. وأوضح أنه في بحثه وضع تاريخ العمل في سياق من إبداع الفنان، في اجتهاد شخصي يعتمد علي طريقة رسم وأسلوب الفنان، فاكتشف أنها ينطبق عليها فترة تاريخ 1932 المكتوب في اللوحة الموجودة بدبي، لذلك أطالب بعودة كل لوحات المعارة للخارج للتاكد من أصالتها.. ورغم أن كل هذه الإجراءات قانونية وجدنا أننا أمام قضية أخري، فنحن حتي الآن لا نعرف أي اللوحتين أصلية، ونتسأل لماذا لم يتم فحص لوحة محمود سعيد "ذات العيون الخضراء" الموجودة في السفارة المصرية بواشنطن، ولماذا لم تعد لوحة دبي؟

- الافراج عن المتهمين بسرقة لوحات حامد ندا.. والفاعل لايزال طليقا

أما القضية الثالثة، فهي الخاصة بلوحتي الفنان حامد ندا، والتي تحمل رقم 11436 لسنة 2008 "جنايات قصر النيل"، فرغم عودة الوحتين، فإن البراءة التي حصل عليها المتهمون بسرقتها، لاتزال لغزا، خاصة أن اللوحتين بعد عودتهما لم يتم تعليقهما مكانهما، بل عادت ليتم تخزينها.

"الفاعل المجهول" هو البطل الرئيسي في حادث سرقة أعمال حامد ندا، فإذا كان المتهمون حصلوا علي حكم بالبراءة، فأين إذا السارق الحقيقي؟

لوحتاً "حامدا ندا"، اللتان رسمهما بمناسبة افتتاح دار الأوبرا المصرية، تم العثور علي براويزهما فارغين في حمامات الأوبرا، وبعد عده تصريحات في الصحف تبين أن هشام قنديل، وهو مصري مقيم بالسعودية ويدير أتيليه "جدة"، قد اشتراهما من شخص يدعي عادل ناجي (المتهم الأول)، وقبل أن يسافر باللوحات عرضهما علي الفنان محمد طلعت مدير قصر الفنون، لمعرفة إن كانت تلك أصلية أم لا، فأكد له عدم أصالتهم، وعند عرضهما علي الناقدين صبري منصور وصبحي الشاروني، أكدا أن اللوحات أصلية.

وانتهت القصة بأن قام محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية السابق بالاتصال بـ"هشام قنديل" وابلغه أن اللوحتين مسروقتأن من الاوبرا ولابد من إعادتهما، فعاد بهما الي مصر وسلم اللوحتين لفاروق حسني الوزرير الاسبق، وتم تكريمه، ومنحه شهادة تقدير ودرع وزارة الثقافة، ودفعوا له 120 الف جنيه التي دفعها مقابل اللوحات.

"المتهم البريء" عادل سعيد، كما وصف نفسه، أجاب عن تساؤل: لماذا تم توجيه التهمة له؟ قائلا: صبرت كثيرا وتحملت أيام الحبس، ودفعت الثمن من سمعتي وسمعه أسرتي، لأني بالنسبة للكبار الذين يعلمون الحقيقة ويصرون علي إخفائها من أجل حماية من يريدون، أنا ليس لي علاقة بهذه القضية نهائيا، فقد اتهمت لأسباب آخري، منها أنني كنت من الذين يعارضون الوزير، فحين كنت في بعثة بأكاديمية الفنون بروما، كشفت فساد بعض الأشخاص هناك، وكان ذلك عام 1994، وتعرضت لاضطهاد من أطراف كثيرة، كنت أعلم أنهم ينتظرون فرصة للتخلص مني.

وأكمل: القضية بها أسئلة كثيرة تنتظر إجابات، منها: مَنْ قال لمحسن شعلان إن لوحات "حامدا ندا" مع هشام قنديل وسافر بها من القاهرة إلي السعودية؟، وهل أخذت إجراءات الأختام المعتادة من القطاع قبل سفرها أم لا؟ فأنا لم أعط عادل ناجي اللوحة، وقلت هذا في التحقيق، وحبسوني علي ذمة القضية ثلاثه شهور، وعندما وجد القاضي بعض التناقضات في أقوال الشهود، الذين منهم من لا يعرفني أساساُ، ومنهم من شهد شهادة كوميدية مثل: أنني دائما أحمل "شنطة" بها لوحات، أليس من الطبيعي للفنان ومهندس الديكور أن يحمل شنطة وبها رسومات، وللأسف القضية أغلقت، ومن غير المنطقي أن يكون الفاعل في هذه القصة مجهول، بعدما حصلنا كلنا علي البراءة حتي المشتري، أليست عن حق من "أغرب القضايا"؟!.

وأكمل: من المفارقات أنني بعد خروجي بفترة بسيطة، تمت زيادة مرتبي، ووجدت كل مستحاقاتي كما هي، وتم تعييني مشرفا عاما علي "أوبرا السادس من أكتوبر"، وهي مجرد أرض بها نموذج لم يكتمل، وربما الكثيرين من الوسط الفني لا يعرفون أن مدنية 6 أكتوبر يوجد بها "أوبرا" تحت الإنشاء من سنوات.
AHMED

ليست هناك تعليقات